و أخيرا ترجل الفارس خطاب
" جماعة صغيرة
هم الذين يحملون طموح الأمة الإسلامية هم الذين يضحون بحياتهم ومصالحهم الدنيوية
ليحملوا ويحققوا هذا الطموح والأمل ، هم الذين يبذلون الدم والروح من اجل النصر
ومن اجل هذه العقيدة . . مجموعة صغيرة من مجموعة صغيرة من مجموعة صغيرة "
واحد من هؤلاء هو فقيدنا خطاب رحمه الله نحسبه كذلك ولانزكيه على الله.
ومفكرة الإسلام إذ
تنعي إلى الأمة هذا الفقيد فإنا لنرجوا أن ما عند الله عز وجل هو خير له وللأمة
الإسلامية وأن سنن الله في الدعوات تعلمنا أن دماء الشهداء دائما ما يصنع منها
حبال و أطواق للنجاة فمن غياهب الظلمة يشع النور، و من رحم اليأس و القنوط يولد
الأمل ،و أشياء كثيرة تتغير و الظلام لا يظل ظلاما فلابد أن ينساح النور ليغمر وجه
الحياة وتلك حكمته سبحانه وذلك قضاؤه،والحمد لله على كل حال وما فقيدنا إلا واحد من أولئك الركب الطيب
المبارك الذي جاد بنفسه في سبيل ربه ونصرة لدينه نحسبه كذلك والله حسيبه.
وإذا كان الأهل
والوطن من أعز الأشياء على الواحد منا ، وكثيراً ما كان هذان الأمران سبباً في
تغير مجرى حياة الواحد منا ، وكنا نقرأ حياة السابقين ، وكيف أنهم تركوا بلادهم
وأهليهم دفاعاً ونصرة لهذا الدين حتى كانت قبورهم خير شاهد على تضحياتهم ، فهناك
قبور صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبرص والصين وغيرها .
ومازالت هذه التضحيات باقية في هذه الأمة حتى يأخذ
الله الأرض ومن عليها ، ولقد كان القائد العظيم خطاب من هؤلاء المضحين فقد كانت
أمنياته في شبابه القصر الكبير والزوجة الحسناء والسيارة الفارهة . نعم كانت هذه
أمنياته ورغباته ، ولم يكن يخطر في باله أن الأيام ستكون حبلى له بالعجائب ، ومضت
السنون حتى وصل الإيمان شغاف قلبه رحمه الله ، فبعد الأماني بسكْن القصور إذا
منزله رحمه الله الكهوف والخنادق ، وبعد ما طَعِم ما لذَّ وطاب من الطعام والشراب
صار يمكث المدة التي قد لا يجد فيها طعاماً مع جنده في بعض المعارك ، وبعدما لبس
أفخر الثياب صار لا يملك إلا لباسا عسكريا قد أبلته المعارك والحروب ، فكانت سترته
مرقعة من كل جهة وقد خاطها بيده نسأل الله أن يحرم تلك اليد عن النار . الله أكبر
.. أين ذلك الطيب النافذ والرائحة الحسنة . نعم كل ذلك تركه كما ترك مصعب ملبسه
وعطره . تركها بطلنا لله عوضه الله خيراً منها . كان والده يتمنى أن يراه قبل موته
، وكلما هم بالرجوع تذكر آهات الثكالى وعويل اليتامى فبكت عينه حتى تبل لحيته .
تسأله أمه : متى الرجوع ياولدي ؟ فيغص بدمعته حتى تظنه قد اقفل السماعة
.
كان يحدث أخويه منصور
وماهر حفظهما الله عن تضحيات الصحابة ، وكيف أن في الشيشان توجد ستة قبور يقال
أنها لصحابة رسول الله ؛ وما علم رحمه الله أن قبره سيصف إلى جانبهم ليكون شاهداً
على تضحيات هؤلاء العظام .
لقد خرج علينا خطاب
في زمن عز فيه أن نجد صورة تذكرنا بقادة عظام سطروا التاريخ بروائع الموقف وعظائم
التضحيات ،
وأخيراً فإنه لم يكن
يخطر في بالنا ونحن نهمُّ بالكتابة عنه قبل يومين إلا أنه رحمه الله صاحب فكر
جهادي فقط ؛ ولكن لما قمنا بتفريغ كل أشرطة الكاسيت والفيديو التي تكلم فيها
وجمعنا قصاصات لقاءاته الصحفية تبين لنا أن الرجل لم يكن يملك فكر جهاد فقط ،
وإنما يملك فكر دولة كاملة رحمه الله ، ولهذا أعدنا كتاب كل ما وضعناه ليناسب هذا
الرجل ، وقد بذلنا جهدنا في التصحيح الدقيق من خلال كلامه هو شخصياً أو عن طريق إخوته
، وسوف تجد أخي القارئ بعضاً من الحقائق التي تخالف أموراً ذكرت عنه رحمه الله
وحسبنا أنا قد بذلنا جهدنا في ذلك
و في هذا الملف
اجنهدنا أن نسلط الضوء على جوانب عديدة في حياة فقيدنا ودعوته وجهاده وأثر فقده على الجهاد في الشيشان من خلال هذه
الملفات:
: اسمه الحقيقي سامر بن صالح بن عبد الله السويلم .
مولده
ونشأته :ولد خطاب عام 1389 من الهجرة النبوية في مدينة عرعر شمال المملكة العربية
السعودية ، ينتمي لعائلة خيِّرة طيبة اشتهرت بالشجاعة والشهامة حتى أن جده عبد
الله عُرِف في منطقة الأحساء بـ " النشمي " ، ولو لم تنجب هذه
العائلة إلا خطاباً لكفاها شرفاً وسؤدداً
، ولقد نزحت هذه العائلة من بلاد نجد إلى
الأحساء عام 1240هـ وهناك ولد أجداده ،
وولد فيها والد خطاب صالح رحمه الله تعالى الذي انتقل إلى عرعر ، وهناك ولد بطلنا
خطاب ، ومكث فيها حتى انتهى من الصف الرابع الابتدائي وعمره عشر سنوات ، وفي عرعر
كان والده يأخذه مع أخوته كل أسبوع إلى المناطق الجبلية يعلمهم الشدة والشجاعة ،
ويضع على ذلك الجوائز والحوافز ويطلب من أولاده العراك والصراع حتى تشتد سواعدهم
وفي هذا الجو بدأت تظهر آثار النجابة والشجاعة على خطاب ، ثم انتقل والده رحمه
الله بأبنائه إلى منطقة الثقبة بالقرب من الخبر
، وهناك تربي خطاب في حي مشهور أخرج دعاة وصالحين وهو حي الصبيخة .
وتوفي والد
خطاب قبل سنتين ، وكانت أمنيته أن يرى خطاباً قبل وفاته . نسأل الله أن يجمع بينهم
في جنته ، أما أمه فمازالت على قيد الحياة
واسمها رسمية بنت إسماعيل بن محمد المهتدي وتبلغ من العمر 58 سنة ، وهي
تركية الأصل هرب أبوها من تركيا عند سقوط الخلافة الإسلامية واستيلاء كمال أتاتورك
على تركيا وفي سوريا ولدت أم بطلنا خطاب ، ولا نقول لها إلا غفر الله لبطن جاء لنا
بخطاب ، ولخطاب من الإخوة خمسة هو خامسهم في الترتيب .
وكان بيت خطاب كأي بيت في ذلك الوقت من جهة حب
الدين والاهتمام بشعائره الظاهرة إلا انه كان يتفوق على كثير من البيوت بالاهتمام
بالشريط الإسلامي والمجلة الإسلامية ، وهذه كانت شبه معدومة في ذلك الوقت ، ولهذا
لا غرابة إذا قلنا أن البيئة مهيئة لإخراج القائد خطاب رحمه الله
وكان رحمه
الله يتحدث بأربع لغات ، فيتحدث اللغة العربية و اللغة الروسية والإنجليزية
والبوشتو .
واستشهد رحمه الله في
أوائل شهر صفر من عام 1423هـ من الهجرة وله من العمر 33 عاماً نسأل الله أن يرفع
قدره ، ويعلي درجته ، وأن يكون شهيداً مضحياً في سبيل الله . آمين .
خطاب
الإنسان :
خطاب و
أحلام الشباب
كان خطاب في بداية شبابه يحلم كأي شاب
بالوظيفة والرتبة العالية ولهذا عرف بتفوقه الدراسي حتى أنه تخرج من الثانوية
العامة بتخصص علمي ومعدله أكثر من 94% في النصف الثاني وكان أمله أن يدخل شركة
أرامكو بمنطقة الظهران شرقي السعودية في
نظام ( CBC
) وهو نظام
يتيح للدارس الابتعاث إلى أمريكا وهي أمنية كل شاب في ذلك الوقت يرجو الرتبة
العالية وفعلاً تحققت أمنيته ودخل في ذلك النظام التدريبي وكان يستلم راتباً
شهرياً قدره 2500 ريال وجلس على مقاعد الدراسة قرابة النصف سنة وكان من أميز طلاب
في فصله ونال إعجاب معلميه وزملائه ؛ ولكن بعد أحداث أفغانستان الأولى ترك الدراسة
وضحى بحلمه راجياً ماعند ربه متيقناً أن من ترك شيئاً لله عوضه الله بما هو خير
منه وليس صحيحاً أنه درس في أمريكا وغادرها إلى أرض الجهاد .
كان حلمه الذي يحدث به أقرانه أن يكون لديه قصر
مساحته 3500 متر مربع يحتوي على مظلة تتسع
لخمس سيارات إحداها سيارة سوبربان للعائلة وسيارة جمس أحمر له شخصيا يمرح عليه في
الصحاري والبراري
كان يحلم أن لديه عشرين قطعة أرض ( بلوك
كامل ) يسكن فيه أبوه وأمه وإخوته ،
غداؤهم واحد وعشاؤهم واحد ، يمازحهم ويلاعبهم ويشكو إليهم وكان يحلم بحافلة يجتمع
هو وإخوته في الركوب عليها فهو يريدهم في حلهم وترحالهم بيتاً واحداً ، كان يحلم
بمجلس واحد يوحد معنى الجسد الواحد للعائلة يستقبل فيه الضيوف والزوار .
نعم هذه أمنياته عندما كان شاباً في الثانوية
. لم يكن والله يمل من تكراراها أو سردها عشرات المرات ، فهو أليف حبيب والديه
وإخوته .
كان يحلم أن يكون من كبار شركة ارامكو
البترولية وأن يشار له بالبنان ويحلم بذلك المكتب الواسع الفخم الذي تتمناه النفوس
. نعم كانت هذه أمنياته يحدث بها الصغير والكبير ، وسبحان الله ترك هذه الأحلام
والآمال وترك القصور والحبور واتجه إلى كهوف يسكنها وأرض يفترشها وسماء يلتحف بها
. ترك والديه وإخوته وأهله وهاجر إلى بلاد صار كل من فيها هم إخوته وأهله . تزوج
الإخوة والأخوات ومات الأب الصالح ومازال خطاب في غربته إنها غربة المجاهد الذي
قدم أغلى مايملك وكأنها أرخص مايملك قدم روحه وأمانيه وأحلامه لله لم يرد مالاً
ولاحظاً من الدنيا . عاش هناك بهندام متواضع وملابس رثة بعد أن كان يحلم بفراش
وثير وقصر مشيد . عاش هناك يطعم يوماً ولايجد عشراً آخر ما يسد جوعته وهو الذي كان
يجد في بلده مالذ وطاب . كانت أمنية والده الرجل الصالح أن يرى ابنه قبل وفاته
ولكن هيهات هيهات فأنى يصل إليه خطاب وجموع المسلمين تستنصر به وترجوه نصرة
إخوانه؟!
انتظر ذلك الأب سنوات وسنوات لعل يوماً يطل
عليه من الباب وجه خطاب المشرق ولكن عرف الوالد أن خطاب قد لجأت إليه الأمة بعد
الله فدعا الله أن يلتقي به في جنة الخلد ومقعد الصدق واحتسب أحب أبنائه إليه لله
ولاشيء لغير الله ، ثم فاضت روح والده ولم تتحقق أمنيته ونسأل الله أن يجمع بينهم
في جنته سبحانه . ولقد صدق خطاب والله عندما قال رحمه الله في إحدى المناسبات : من
عاش صغيراً مات صغيراً ، ومن عاش لأمته عظيماً مات عظيماً .
يعجب الواحد منا لما يرى الأفلام الوثائقية
التي يظهر فيها خطاب ، فجنوده متعلقون به تعلقاً شديداً ، وتزيد غرابتك لما تعلم
أنه حازم جداً في تعامله ؛ ولكن الخطب يهون عليك عندما ترى مزحه معهم ، فهو يمزح
بلسانه ويده بل ورجله ؛ وترى فيه خفة الظل ورحابة النفس وحسن الخلق ، فمرة تجده
ينادي أحد أصحابه ويقول له : خذ هذا الشيء الواقع على الأرض ، فإذا أنزل رأسه صب
عليه " الشامبو " وسط فرح وسرور أصحابه .
أما حزمه وانضباطه فيحدثنا عنها هو شخصياً حيث
يقول : لما جئت إلى الشيشان انضمت إلي مجموعة من 90 رجلا من طلاب الشيخ فتحي
الشيشاني حفظه الله ، وصرفت أولاً منها 15 رجلاً ثم صرفت أيضاً 15 رجلاً ، وبقي معي ستون ، وحذرني بعض الإخوة
من الطرد لأن الشيشانيين عندهم حمية ، فلو ذهب بعضهم فاحتمال كبير أن يلحق بهم
الآخرون ، وفي يوم من الأيام نمنا ؛ ولما أصبحنا إذا فرقة الحراسة نائمة معنا ،
وتركت مهمتها ، وكانت ليلة باردة ، فطلبت منهم أن يخلعوا خفافهم ، ثم طلبت منهم
المسير إلى النهر ، وكان العشب من شدة البرد كأنه عيدان يابسة ، ثم ساروا وهو
يكادوا أن يهلكوا من شدة البرد ، فلما وصلنا للنهر طلبت
منهم أن يدخلوا أقدامهم فيه تأديباً لهم ،
وبعد فترة أمرتهم بالخروج ، وقد تجمدت أقدامهم حتى أن بعضهم سقط على ركبتيه من
الإعياء والألم ، وارتفعت أصواتهم علي حتى هددوني بالخروج وتركي ، فقلت لهم لا
مانع لدي ؛ حتى لو لم يبق معي أحد . مع
أني كنت أخشى من ذهابهم ، وبالتالي ذهاب أملي بتحرير تلك البلاد ؛ ولكن يسر الله ،
فبقي منهم ستون رجلاً أخذوا دورة علمية مدتها 25 يوماً ، وهم الآن قادة السرايا
وخيرة الجنود .
عجيب أنت ياخطاب . رأيناك وأنت تقتل العدو
بقلب بارد . رأيناك وأنت تجهز على ملاحدة الروس . رأيناك تطلق النار مبتسماً فقلنا
خطاب لانعرف أحداً كان عذاباً على العدو منه . ظننا قلبك مملوءاً بالغلظة ومكسواً
بالقسوة ، فإذا جئت على معسكر إخوانك انقلب ذلك الأسد الضرغام إلى حمل وديع يحب
المزاح حيناً ، فمرة ضاحكاً ومرة باكياً ومرة حزيناً قل لي بربك كيف اجتمع فيك كل
هذا؟! .
خطاب هل تذكر عندما كنتَ طالباً في الثانوية
كيف كانت سعادتك وأنت تحمل الصغار على ظهرك وصدرك . هل تذكر وأنت تقول لهم اركبوا
على ظهري واضربوا رأسي ، وماعلم هؤلاء الصغار أنهم قد ركبوا على ظهر واحد من أعظم
قادة المجاهدين في القرن العشرين .
خطاب هل تذكر ذلك اليوم الذي أغمي عليك لأجل قطة ؟
أظنك نسيت وسوف أذكرك . ذلك اليوم الذي خرجت لتركب سيارتك وكانت هناك قطة داخل
ماكينة السيارة فحركت السيارة فتقطعت القطة . لقد كان يوماً عصيباً عليك فقد حملك
أخواك منصور وماهر وأنت كدت أن يغمى عليك ، وقد تقاطرت الدموع على خديك لأجل تلك
القطة وكنت تسأل وتصرخ هل هي ماتت ؟ قل لي بربك ماهذا القلب الذي يبكي لأجل
القطط ونحن في هذا الزمان لانبكي لمذابح
المسلمين ؟!!. عفواً قائدنا خطاب فقد أعجزتنا بقلبك الذي امتلأ ببغض الكافرين و
بحب المسلمين .
كانت نفسه تحدثه بالبقاء أو الانصراف عن
الشيشان والرجوع إلى طاجكستان . خاصة وأنه جاءها لعلاج يده فقط ؛ ولم يكن ينوي
الإقامة فيها ؛ ولكنه لما رأى الجهاد بدأت نفسه تراوده في البقاء ؛ ولكن مع تردد
كثير ، وجرت عادته رحمه الله على رسم خريطة حول كل منطقة يريد العمل فيها سواء من جهة الأماكن أو الطبائع أو العادات أو
الأشخاص ، ولما ذهب إلى الشيشان لم يكن يعرف حقيقة هذه المنطقة فجعل من نفسه
كمراسل تلفازي يمر بين الناس ، ويضع معهم اللقاءات ، ويلقي عليهم الأسئلة ، ويتحسس
المعاني المهمة في أجوبتهم ، وقابل شامل باساييف بهذه الطريقة ؛ ولكن الموقف الذي
هز شعوره ، وحرك عواطفه هو لقاؤه مع عجوز طاعنة في السن حيث سألها : ماذا تريدون
من قتال الروس ؟ فقالت العجوز له بلغة الواثقة : نريد أن نخرج الروس حتى يرجع
إلينا الإسلام ، فسألها هل عندكِ شيء تقدمينه للجهاد ؟ فقالت وقد كُسِر خاطرها :
ليس عندي سوى هذا الجاكيت ( المعطف ) أجعله في سبيل الله . فجعل خطاب يبكي بشدة
وتبتل لحيته بدموعه .
فكانت هذه العجوز سبباً في ظهور خطاب الرمز
لنا ، فنسأل الله أن لا يحرمها الأجر ، وأن يجعل معطفها مهراً تدخل به جنة ربنا ،
وأين هذه العجوز من الشمطاوات في إعلامنا اللاتي فسدن وأفسدن شباب الأمة .
عندما يرد علينا اسم خطاب يتبادر لذهننا
تاريخه الجهادي وكيف أنه هب دفاعاً عن إخوة له خالفوه في اللغة والوطن وتوحدوا في الشريعة
والدين ؛ ولكنا نكون أغفلنا عن تاريخ مهم عاشه قبل التحاقه بالجهاد .
كان رحمه الله منذ أن كان صغيراً يكره الظلم
وأهله حتى وردت عليه المشاكل من كل حدب وصوب بسبب حبه للنصرة حتى ولو على من هو
أقوى منه ونذكر الآن مجرد مثالين فقط توضح حقيقة هذا البطل :
خرج مع أحد زملائه من
الدراسة في شركة أرامكو وعندما وصلا إلى مواقف السيارات شاهدا خمسة من الشيعة
يحيطون بشاب سني يريدون ضربه وقد أعدوا عدتهم من العصي الغلاظ فقال خطاب رحمه الله
لصاحبه السائق قف حتى نعينه ؛ فقال صاحبه دعهم ونحن لانريد المشاكل فأقسم ونزل من
السيارة نصرة لذلك المستضعف ورفض صاحبه النزول لعدم رغبته في المشاكل ، ولم يكن
بيده أي شيء إلا استعانة بالله على هؤلاء الظلمة ثم تحرك هؤلاء الشيعة جهته
فقاتلهم مدة لوحده وكلما ازدادوا في ضربه ازداد صبراً وثباتاً . يقول صاحبه الذي
في السيارة : لم أصدق مارأيت . إنه فعلاً كان بطلاً وخرج من هذا القتال وقد أثخنوه
وأثخنهم رغم توحده وانفراده .
حصل نزاع في فصله الدراسي في نفس الشركة السابقة
بين طالب سني وطالب شيعي فتنادى الشيعة من كل مكان وأدخلهم الحراس الذي ينتمي
بعضهم لهذه الطائفة واجتمع أكثر من 200 شيعي أمام المدرسة التدريبية وكان عدد أهل
السنة قليلاً جداً فخشوا من الغلبة وكان يسمع خلف الصفوف صراخاً وصياحاً من شاب
يقول لاتدعوهم والله لن اتركهم أبداً فلما نظروا خلف الصفوف وإذا أسدنا خطاب قد
استعد للعراك والقتال وفعلاً اشتعلت النار بين الطرفين وكان أسدها كالعادة هو فارسنا
وقائدنا خطاب ، ومن ذلك اليوم علت الناس رهبة وهيبة من هذا الشاب
عرف خطاب بـ " صاحب الجيب الخالي
" فلم يكن المال له حظ في جيبه منذ
شبابه وتعاهد إخوته أن لايعطوه شيئاً إن طلب منهم شيئاً ليس بغضاً فيه وإنما خوفاً
عليه من كثرة ماينفق يقول لي أخوه ماهر حفظه الله : عاهدت نفسي أن لا أعطيه شيئاً
لأننا لو أعطيناه فسينفقها على الناس كرماً ولكن
الله أعطاه أسلوباً في الإقناع فيأتيني فيكلمني قليلاً حتى يأخذ مالدي فإذا
خرج صحت لقد سحرني وأخذ مالي . لقد كان
خطاب صاحب كلمات حلوة وعذبة فلم نستطع يوماً أن نرد له طلباً . وقال لي ماهر
ممازحاً : يوم القيامة سأطالبه أمام ربي بما أخذ من مالي .
ويذكر لي أخوه منصور أن خطاباً أسكنه الله
فسيح جناته انطلق يوماً بسيارته وفي طريق المطار شاهد مسلماً سودانياً يرفع يديه
طالباً المساعدة فتوقف عنده وتبين أن السيارة أصابها العطل والرجل مسافر على
الطائرة بعد قليل فقال خطاب رحمه الله دع سيارتك وسافر وأنا سأسحبها فوافق الرجل
وهو خائف على سيارته حيث لم تكن بينهم صلة معرفة ، وفعلاً سافر الأخ السوداني ثم
قام خطاباً رحمه الله بسحب سيارته ثم اقترض مبلغاً من المال وأصلح السيارة بدون أن
يعلم أحد وعندما حضر السوداني كانت المفاجأة فالسيارة أصلحت وخطاب يرفض المبلغ
فأصر السوداني على الدفع فصاح في وجهه خطاب نحن لا نريد المال وخرج الرجل من البيت
ووجهه يتهلل فرحاً .